حياة النجوم


 حياة النجوم




تقضي النجوم حوالي 90% من حياتها في اندماج الهيدروجين لإنتاج الهيليوم في تفاعلات ذات درجة حرارة عالية وضغط عالي بالقرب من لب النجم. ويقال أن هذه النجوم تكون على التسلسل الرئيسي وتسمى النجوم القزمة. ابتداء من الساعة صفر في مرحلة التسلسل الرئيسي، فإن نسبة الهيليوم في قلب النجم في زيادة مطردة، معدل الاندماج النووي في قلب النجم سيزيد ببطء، وكذلك لدرجة حرارة النجم ولمعانه. الشمس على سبيل المثال تشير التقديرات إلى أن زيادة في لمعانها بنحو 40% منذ أن وصلت إلى مرحلة التسلسل الرئيسي منذ 4.6 مليار (4.6 × 109) سنة.[78]
كل نجم يولّد رياحا نجمية من الجسيمات الأولية (معظمها بروتونات و نيوترينوات) التي تتدفق باستمرار إلى الفضاء، بالنسبة إلى معظم النجوم فإن كمية الكتلة المفقودة مع تلك الرياح متواضعة. الشمس تفقد 14−10 من كتلتها الشمسية كل سنة بسبب تحول الكتلة إلى طاقة خلال الاندماج النووي وبسبب الجسيمات المنطلقة منها على الفضاء،[79] أو حوالي 0.01% من مجموع كتلتها في كل عمرها وعلى الرغم من ذلك، فإن عدداً من النجوم الهائلة جداً قد تفقد 10−7 إلى 10−5 من كتلتها الشمسية كل سنة، مما يؤثر على تطورها بشكل ملحوظ.[80] النجوم التي تبدأ بأكثر من 50 كتلة شمسية قد تفقد أكثر من نصف مجموع كتلتها في حين تبقى في تسلسلها الرئيسي.[81]

في الصورة مجموعة الثريا وبعض النجوم الاخرى
تعتمد المدة التي يقضيها النجم في التسلسل الرئيسي في المقام الأول على كمية من الوقود التي تندمج ومعدل اندماج الهيدروجين، أي كتلتها الأولية ولمعانها. بالنسبة للشمس، تقدر حياتها في أن تكون حوالي 10 مليار (1010) سنة. النجوم الضخمة تستهلك وقودها بسرعة جدا وقصيرة الأجل، إذ تكون درجة حرارتها عالية جدا، تبلغ مليارات الدرجات المئوية[82]. النجوم ذات الكتلة المنخفضة تستهلك وقودها ببطء شديد وتسير فيها التفاعلات عند درجات حرارة أقل (نحو 12 مليون درجة مئوية). النجوم الأقل ضخامة من 0.25 كتلة شمسية تسمى: الأقزام الحمراء تكون قادرة على ادماج الهيدروجين إلى ما يقارب كتلتها كوقود في حين أن النجوم ذات كتلة تعادل 1 كتلة شمسية لا يمكن أن تستهلك إلا حوالي 10% من كتلتها كوقود. يسير اندماج الهيدروجين في النجوم ذات كتلة تعادل حوالي 0.25 من كتلة الشمس بطيئا ويمكن أن يستمر لحوالي تريليون (1012) سنة وفقا لحسابات التطور النجمي؛ في حين أن النجوم الأقل كتلة (0.08 كتلة شمسية) سوف تستمر لمدة حوالي 12 تريليون سنة.[83] وفي نهاية حياتها، الأقزام الحمراء تصبح ببساطةاخفت لمعانا وابهت.[84] ومع ذلك، بما ان عمر بعض هذه النجوم ذات كتلة اقل من 0.85 كتلة شمسية قد يصل إلى 12 مليار سنة (مقارنة بالعمر الحالي للكون (13.8 مليار سنة)، فتكون قد استهلكت طاقتها وانطفأت .[85] يتوقع أن تكون قد انتقلت للخروج من التسلسل الرئيسي.
بالإضافة إلى الكتلة، فإن العناصر الأثقل من الهيليوم تلعب دورا هاما في تطور النجوم. في علم الفلك كل العناصر الأثقل من الهيليوم تسمى "معادن" (اصطلاح فلكي يختلف عن التعريف الكيميائي للمعدن)، ويسمى تركيزها في النجم معدنية النجم. تؤثر هذه العناصر المعدنية على مدة حرق النجم لوقوده، كما تسيطر على تكوين الحقول المغناطيسية فيه نظرا لتكوّن بعض الحديد أثناء تفاعلات الاندماج.[86] وتخفف قوة الرياح النجمية.[87] في أقدم تصنيف للنجوم، النجوم المعمرة تحتوي على معدنية أعلى من النجوم الناشئة التي تتكون من انكماش موضعي في سحب الهيدروجين والغبار الكوني. مع مرور الوقت تثري هذه النجوم العناصر الأثقل (المعادن)على نحو متزايد كما تموت النجوم القديمة[88].
نجم تبلغ كتلته 1 كتلة شمسية يستهلك هيدروجينه خلال نحو 8 مليار سنة، تزداد في نهاية تلك الفترة درجة حرارته إلى درجة يتمدد فيها النجم ويصبح عملاقا أحمر. أما قلبه الثري بالمعادن فينكمش تحت تأثير الجاذبية ويكوّن قزما أبيضا؛ وتغادر الشمس مرحلة النسق الأساسي وتصبح قزما أبيضا (أنظر الرسم البياني لهرشل-راسل). وهذا ما تتوقعه نطرية تطور النجوم بالنسبة إلى الشمس حيث ستصبح الشمس بعد نحو 4 - 5 مليار سنة عملاقا أحمر وتصل حافتها الخارجية إلى الأرض وتتعداها لتصل إلى مدار المريخ وخلال تلك المرحلة سوف ترتفع درجة الحرارة في الأرض لدرجة لا تسمح بوجود حياة عليها[89].
النجوم ذات كتلة أكبر من كتلة الشمس تنتهي بانفجار كبير يسمى مستعر أعظم. تتبعثر خلال الانفجار الطبقات الخارجية للنجم في الفضاء. فإذا كانت كتلة النجم الابتدائية 4.2 كتلة شمسية ينكفيء قلب النجم تحت تأثير الجاذبية البالغة مكونا نجما نيوترونيا شديد الكثافة. وإذا كانت الكتلة الابتدائية للنجم أكبر من ذلك فينشأ عن انفجار النجم كمستعر أعظم ثقبا أسود بالغ الكتلة وبالغ الكثافة[90].

مابعد التسلسل الرئيسي[عدل]


مقارنة بين حجم عملاق الدبران والشمس في حين أن كتلته تبلغ 2.5 من كتلة الشمس.
في الوقت الذي تستهلك النجوم ذات الكتلة الشمسية[84] والتي لا تقل عن 0.4 مخزونها من الهيدرجين في باطن النجم، تتمد طبقاته الخارجية بشكل كبير ثم تبرد لتشكل عملاق أحمر.
خلال 5 بليون سنة وعندما تدخل الشمس هذه المرحلة سوف يتمدد نصف قطرها إلى حوالي 1 وحدة فلكية (150 مليون كيلومتر)، أي مايعادل 250 مرة حجمها الحالي. عندها تصبح الشمس عملاقا احمر، فسوف تفقد تقريبا 30% من كتلتها الحالية.[91][92]
في أي عملاق أحمر بكتلة تبلغ حوالي 2.25 كتلة شمسية يتواصل اندماج الهيدروجين داخل قشرة تحيط بباطن النجم.[93] وبمرور الوقت يصبح باطن النجم مضغوطا بشكل كافي بحيث يبدأ اندماج الهيليوم. في ذلك الوقت ينكمش نصف قطره تدريجيا وتزداد درجة حرارة سطحه.
بالنسبة للنجوم الكبيرة فإن منطقة باطن النجم تتحول مباشرة من عملية اندماج الهيدروجين إلى اندماج الهيليوم.[94]
بعد أن يقوم النجم باستنزاف الهيليوم الموجود في باطنه، تستمر علمية الاندماج النووي داخل قشرة تحيط بباطنه حرارة شديدة تحتوي على الكربون والاكسجين.
يتبع النجم بعد ذلك مساراً تطورياً يوازي مرحلة العملاق الأحمر الأصلية، لكن بدرجة حرارة سطح أعلى[95].

تعليقات

المشاركات الشائعة